وعين الرضا عن كل عيب كليلة!؟
في أمثالنا العامية مثل تكررّه أمي دائماً، وهو عن مقدار معرفتك بالأشخاص الذين تتعامل معهم، يسألك أحدهم عن شخص ما، هل تعرفه ؟تجيبه أنت:نعم أعرفه.
يسألك: هل جربته؟ تجيبه: لا. فيقول لك: إذاً، أنت لاتعرفه.
سقت هذا المثل كمقدمة للحديث عن الثقة بالآخرين ومدى معرفتك الحقيقية بمن تتعامل معه، فكثيراً مايبدو لك أحد الأشخاص بصورة رائعة تحمل جميع الصفات المطلوبة في الصديق أو الجار أو زميل العمل، وربما تقنعك بها عاطفتك تجاهه، إذ كما يقول بيت الشعر المعروف: وعين الرضا عن كل عيب كليلة، وعين السخط تبدي المساوئ
وتعالوا نتساءل: كيف يستطيع الآخرون خداعنا بمظاهرهم الجميلة، في الوقت الذي تقبع في نفوسهم شرور العالم وخداعه وحيله؟
هل من الغباء أن تؤمن بما تراه من صديقك من رقة وشهامة وإيثار دون أن تجرب ذاك الصديق في موقف من المواقف، وترى كيف سيتصرف لو أقعى بك الزمان يوماً، لمساعدته..
أم أنك تعتبر ذلك من طيب نفسك، وبراءة تفكيرك تجاه الآخرين؟
ولماذا تغفر للصديق زلاته، وتعدّها عفوية وغير مقصودة، بينما تحاسب غيره على زلة، أقل فداحة منها؟
لاادري لماذا تزاحمت جميع الأسئلة في راسي، بعد اللقاء، برغم أحزانه والذي جمعني بصديقة قديمة جاءت من اليمن، وقد آلمتني دموعها التي انهمرت مدراراً، وهي تتحدث عن خيبتها بأقرب صديقة لها، تلك الصديقة، التي كما وصفتها صديقتي بأنها رائعة وتبدو طيبة وكريمة ومعطاء، حداً يفوق الوصف ، لدرجة أنها كانت تبكي إذا علمت بمرض أحد أطفالي، وكانت تنصحني كلما فكرت بعمل متهور بأن أتريث وأفكر كثيراً قبل القيام بما أنوي فعله!
وبين نوبة بكاء وأخرى، قالت صديقتي، بصوت متهدج:لقد اكتشفت أن زوجي تزوجها قبل أشهر دون علمي.. هل من العدالة أن اصدم بالاثنين معاً، زوجي وصديقتي؟
وهل انأ غبية إلى درجة أنني لم الحظ سوء نواياهما هذه؟
وهل من العدل أن تكافئني صديقتي على محبتي لها، بخيانة عظمى، تهدم بيتي وتشرّد أولادي؟
وهل من المنطق والأخلاق أن يقدّم لي زوجي هدية بهذا الحجم، مقابل صبري وتحمّلي وثقتي المطلقة به على مدى الأعوام الطويلة التي عشتها معه بكل مرارتها وحلاوتها؟
في الحقيقة، فإن دموع صديقتي، هزتني من الأعماق، وجعلتني أعيد التفكير في علاقتي بالآخرين، لاخوفاً من تجربة مثل تجربة هذه المسكينة، إنما لأنني قررت العمل بالمثل القائل:الباب الذي يأتك منه الريح أغلقه واسترح!؟