جلس عند القبر،أخذ يحفر التراب بأظافره الطويلة والحادة . يبدو انه لم يهتم لوجودنا على مقربة منه. ولماذا يهتم بنا ما دمنا غرباء عن المكان، وبالنسبة له مجرد دمى آدمية متحركة.. لم يلتفت نحونا بل واصل حفره حتى وصل الى الجثمان. بدا من بعيد جثمانا لطفل او طفلة، لُف بكفن ابيض. انتزعه من التراب ووضعه بالقرب منه فوق الأرض. أخذ يحدثه بصوت باكي وحزين. سمعنا جزءا من حديثه.. قال : لماذا لم تمهليني حتى أعود من السفر. لماذا سبقتني الى الجنة.. أريدك هنا معي في هذه الحياة.. وددت لو انني مت قبل أن اراك هكذا.. اسف لانني نويت الموت قبلك، تركتك مع أمك ومضيت نحو أول حافلة عدوة كي افجر نفسي بها. لكن وجود طفلة بعمرك مع ابيها الجندي، العائد من الخدمة في منطقتنا، منعني من تفجير نفسي. فكرت بك وبامك فعدت ادراجي وعدلت عن فكرة الشهادة . وقررت أن أشهد وأحيا نموك وشبابك ونجاحك في المدرسة. ومن ثم زواجك وانجابك اطفالاً يتراكضون حولي كما الفراخ.. وددت أن اطبع قبلة على جبينك.. واحببت ان اهديك ألعاباً كثيرة اشتريتها لك عند عودتي.. لماذا انت هنا يا وردة؟ لن أدعك تمضين الوقت في الحفرة فنحن شعب يحب صعود الجبال..حملها بين يديه، ضمها الى صدره، عبر الدرب قربنا، كنا نمسح دموعنا بالمناديل البيضاء بينما هو بثبات وعزة نفس يصعد الجبل ..