بسم الله الرحمن الرحيم
لايزيد سمك جلدك، الذي يتحمل جميع تغيرات عناصر البيئة الطبيعية والبشرية، عن سمك ورقة الكتابة في منطقة الرموش، وعن سبع وريقات في الكعبين وأخمصي القدمين، وما يعادل خمس عشرة ورقة عند منطقة الظهر. والجلد بهذا السمك البسيط يتألف من (59) طبقة رقيقة جداً: منها ثلاث طبقات رئيسة، وسبع ثانوية، وتسع واربعون فرعية.
وتتمثل هذه الطبقات بما يلي:
اولاً الطبقة الاولى او البشرة: وهي الغلاف الخارجي الذي يقي الجسم من المؤثرات الخارجية. وسمك البشرة يقدر بسمك ورقة الكتابة، ويتباين من مكان إلى آخر في الجسم، حيث يبلغ أرق سمك للبشرة(05 مللمتر) عند الرموش، واكبر سمك لها (15 مللمتر) عند كعبي وأخمصي القدمين. والبشرة بهذا السمك مؤلفة من خمس طبقات رقيقة.
وهي من الأسفل إلى الأعلى، كما يلي:
الطبقة القاعدية: تتألف من خلايا حية تتخللها خلايا اللمس والتلوين، ونهايات الأعصاب الحسية، فضلا عن خلايا الدفاع. وأشكال هذه الخلايا تشبه الأعمدة، وتنقسم باستمرار، فتتكاثر وتدفع الخلايا القديمة، الموجودة في هذه الطبقة الى الأعلى. وفي عملية الاندفاع يتغير اتجاه القديمة، من العمودي إلى الأفقي، وبذلك تبتعد عن منطقة تغذيتها فتموت. وهكذا يتضح أن الطبقات الأربع التالية مكونة من خلايا أفقية الامتداد و ميتة.
الطبقة الشوكية: تتألف من (810) طبقات رقيقة، مؤلفة من خلايا متقرنة تشبه الأشواك، تتخللها خلايا هزيلة أو دفاعية.
الطبقة المحببة: تتألف من خمس طبقات ثانوية رقيقة، مؤلفة من خلايا محببة متطاولة افقية المضجع. تحتوي خلايا هذه الطبقة على الشحم الذي يمنع تسرب سوائل الجسم إلى الخارج، ومنع دخول الأجسام الغريبة.
الطبقة النقية: تتألف من خمس طبقات ثانوية رقيقة، مؤلفة من خلايا أفقية، اقل سمكا واكثر تماسكا من سابقتها. توجد هذه الطبقة في مناطق محددة من الجسم،كراحتي اليدين وأخمصي القدمين والكعبين.
الطبقة القرنية: تتألف من ثلاثين طبقة ثانوية رقيقة ومؤلفة من خلايا أفقية ميتة،يقل تماسكها باتجاه السطح. وتستهلك هذه الطبقة بالفرك والضغط والاستحمام، إلا أنها تتجدد باستمرار، كما هو موضح أعلاه.
إن البشرة التي لا يزيد مجموع سمكها عن سمك ورقة الكتابة، تتجدد كل (24)أسابيع من خلال الاندفاع للخلايا الميتة القادمة من طبقة القاعدة. ولهذا السبب تبدو البشرة على شكلها لبضعة سنوات، كما تلتئم الجروح السطحية والخدوش بسرعة.
وتجدر الإشارة إلى أن البشرة تضم أيضاً ثلاثة أنواع من الخلايا المتخصصة، هي: خلايا الميلانين، التي تنتج مادة التلوين. وخلايا الاضمحلال الهزيلة، التي تشكل خط الدفاع الأمامي لجهاز المناعة في الجلد. أما النوع الثالث فتسمى خلايا (ماركل) ووظيفتها غير معروفة إلى الوقت الحاضر.
ثانيا الطبقة الثانية أو الأدمة: تقع تحت البشرة،ويختلف سمكها من مكان إلى آخر في الجسم.
حيث يصل إلى (03 مللمتر) في منطقة الرموش إلى (30 مللمتر ) في منطقة الظهر.
تتألف الأدمة من ثلاثة أنواع من الأنسجة، غير المرتبة بشكل طبقات، وهي: الأنسجة الغروية، التي تحدد قوة الجلد. والمرنة، التي تحدد درجة طراوته. والأنسجة المتشابكة، وهذه الأنسجة بأنواعها الثلاثة، تعطي الأدمة خصائص التمدد وانكماش وتغيير الموضع للجلد، وذلك عند الابتسامة والضحك، والحزن والعصبية والبكاء، والسحب إلى الأعلى والجوانب وعند الورم و الحمل والسمنة. ويلاحظ عند انتهاء الحالتين الأخيرتين، تترك خطوط بيضاء متوازية تزول بالتدريج. وهذه الأنسجة التي تتألف منها الأدمة، تضعف وتضمحل بتقدم العمر، لذا يفقد الجلد هذه الخصائص بمرور السنين،فتظهر التجاعيد بالتدريج. ورغم ذلك يمكن تمييز طبقتين في الأدمة، هما الطبقة العليا المؤلفة من حليمات مكونة من أنسجة غروية منتظمة الترتيب تربط البشرة بالأدمة. وهذه الحليمات حساسة للمس، وتوجد باعداد كثير في أطراف الأصابع الأنامل وأخمصي القدمين وراحتي اليدين، وهي مرتبة بشكل عقد وخطوط أو حافات متوازية أو متقاطعة أحياناً. تظهر على البشرة للعيان في باطن اليدين، وهي التي تميز الفرد عن الآخرين، حيث لا تتشابه هذه الحليمات عند اثنين من البشر(بصمة الأصابع). والطبقة السفلى الشبكية، الأكثر سمكا، مؤلفة أيضا من انسجة غروية سميكة، مرتبة بشكل موازي لسطح الجلد.
ثالثاً: الطبقة الثالثة أو الشحمية: تقع تحت الأدمة، ومؤلفة من خلايا شحمية وأنسجة رابطة، تتخللها الأوعية الدموية والأعصاب الأكبر حجما مما موجود في منطقة الأدمة. يتباين سمك هذه الطبقة من مكان إلى آخر في الجسم، ومن شخص إلى آخر، ولكن يقل السمك عموما بتقدم العمر. وتكمن أهمية هذه الطبقة في المحافظة على حرارة الجسم،حيث كلما كانت سميكة،زادت حماية الجسم من البرد،والعكس صحيح. كما أنها تزيد من مرونة الجلد، لذا فقلة سمكها بتقدم العمر يزيد من التجاعيد. فضلا عن أنها تحمي الجسم من الضرب، وكوسادة تقلل من توغل الآلات الجارحة نحو العمق. كما أنها تحدد مظهر الامتلاء في الجلد.
ما الذي يحدد لون بشرتك؟
هناك ثلاثة عوامل تحدد لون الجلد وهي:
1 صبغة الميلانين: تفرزها غدد التلوين الموجودة في الأدمة. تعطي للجلد اللون الأصفر الباهت والأسمر والأسود. ويتحدد أي لون منهما اعتمادا على طول فترة التعرض للشمس، فكلما طالت هذه الفترة يزداد الاسمرار، والعكس صحيح. وزيادة الاسمرار ناتجة عن زيادة إفراز غدد الميلانين لهذه الصبغة وذلك لحماية الجسم من خطر الاشعة فوق البنفسجية.
علما أن الإفراط في التعرض إلى هذه الأشعة يسبب سرطانات جلدية. كما تجدر الإشارة إلى أن تعطل غدد التلوين هذه يؤدي إلى (المهاق) بياض الجلد والعيون والشعر. أو قد يتوقف عمل بعضها في مناطق معينة من الجسم،فتؤدي إلى حدوث بقع بيضاء(البهاق)، كما يؤدي نشاطها في بعض الأجزاء إلى زيادة اسمرارها (النمش). وتحتوي بشرة الجسم عند كل الناس، نفس الكمية من هذه الغدد، ولكنها تفرز صبغة اكثر عند ذوي البشرة السوداء.
2 الكاروتين : من مقدمات فيتامين (A ). يحصل عليه الجسم من الجزر والمشمش والذرة الصفراء والخوخ والبرتقال والشمام والبطاطا الحلوة. يعطي للجلد اللون البرتقالي المصفر، ويظهر هذا اللون فقط في راحتي اليدين وأخمصي القدمين.
3 الهيموغلوبين: تعطي وفرته في الدم، اللون الأحمر للجلد، ولكن يحمر الجلد ايضا نتيجة لبذل الجهد والتعرض للحرارة والحساسية والخجل والالتهابات. ويلاحظ أن قلة أو انعدام انتقال الأوكسجين من الرئتين إلى الدم كما يحصل في الاختناق مثلا يؤدي إلى زرقة الجلد والأظافر والشفاه. بينما تسبب ندرة الهيموغلوبين، إلى اصفرار الجلد. علماً أن الاصفرار قد يحدث أيضاً نتيجة لأمراض مختلفة، منها التهابات الكبد. ان تغيرات لون الجلد تظهر بوضوح عند ذوي البشرة البيضاء اكثر من السمراء والسوداء.
زيت بشرتك
تحتوي الأدمة على الغدد الدهنية المرتبطة بالبصيلات الشعرية. تفرز هذه الغدد،الزيت الذي يسيل على الشعرة من سطح الجلد، فيزيد من طراوة الجلد والشعر، كما انه يمنع تكاثر أنواع معينة من البكتريا على البشرة. تنشط هذه الغدد خلال فترة البلوغ الجنسي، و يضمحل نشاطها بتقدم العمر فتظهر التجاعيد بالتدريج. ويكون اضمحلالها أسرع عند الرجال. وتتضخم وتلتهب هذه الغدد بسبب انغلاق مسالك خروج الزيت منها، فيتراكم الدهن داخلها، وتتكون الدمامل وحب الشباب والبثور، ذات الرؤوس الصغيرة السوداء الناتجة عن وجود صبغة الميلانين وأكسدة الزيت. ويؤدي توقف نشاط هذه الغدد إلى جفاف الجلد والشعر، بينما يسبب نشاطها حالة الشعر والجلد الدهني.
وظائفه
1 تنظيم حرارة الجسم من خلال توسيع وتضييق الأوعية الدموية الموجودة فيه.
2 حماية الجسم من غزو البكتريا والفطريات والجراثيم والحشرات والأجسام الغريبة والإشعاعات الموجودة في الجو.
حيث يعتبر غلاف واق من جهة، ويضم خط الدفاع الاول الامامي لجهاز المناعة في الجسم.
3 يقوم بدور وزارة الإعلام، حيث ينقل المعلومات البعيدة والملامسة، كالوضع الحراري والرطوبي، والرياح واللمس والضغط والألم، إلى المخ من خلال شبكة الأعصاب الموجودة فيه.
4 يخلص الدم من بعض الفضلات المتمثلة بالماء والأملاح والمواد العضوية، وذلك من خلال الغدد العرقية الموجودة فيه.
5 يقوم بتصنيع فيتامين(D) بواسطة أشعة الشمس التي يتعرض لها. وهذا من الفيتامينات الضرورية لامتصاص الكالسيوم والفوسفور الموجودة في الجهاز الهضمي إلى الدم.
6 يعطي صورة واضحة عن الوضع النفسي والصحي للفرد، وذلك من خلال ما تظهر عليه من علامات، كالفرح والحزن. كما يدل تغير لون الجلد على حالات مرضية معينة، فاصفراره يدل على فقر الدم والنزيف وأمراض الكبد، واحمراره يدل على الخجل أوالعصبية أو التعرض للحرارة. وظهور البقع البيضاء أو الزرقاء أو البنفسجية يدل على عدم انتظام عمل غدد الميلانين لأسباب مرضية متنوعة...الخ.
العوامل المؤثرة في البشرة
تقل درجة نضارة البشرة بتقدم العمر، للأسباب التالية:
1 تقلص البشرة بمقدار 10% من مساحتها كل عشرة سنوات، ويعزى ذلك إلى : أن عملية فقدان خلايا البشرة تكون اكثر من عملية البناء.
يؤدي ضعف عملية بناء الخلايا، إلى تكوين خلايا خفيفة السمك، ينتج عنها بشرة رقيقة أو قليلة السمك سهلة التجعد.
يؤدي تناقص سمك البشرة إلى السماح بفقدان الرطوبة من الطبقات السفلى في الجلد.
وينتج عن كل هذه العوامل جفاف الجلد وتجعده وانكماشه.
2 قلة إنتاج الأنسجة الغروية والمرنة في الأدمة يجعل الجلد ضعيفا ومرتخي.
3 تضخم الغدد الدهنية وقلة إنتاجها من الزيت الطبيعي يؤدي إلى جفاف وتجعد الجلد.
4 انخفاض عدد الغدد العرقية يسبب جفاف الجلد والتهاباته.
5 قلة المواد الغذائية الواصلة إلى الأدمة يؤدي إلى اضمحلالها وتجعدها.
6 انكماش الطبقة الشحمية يؤدي إلى فقدان ظاهرة نضارة وانتفاخ أو امتلاء الجلد.
أما في مراحل الصبا والشباب والنضج، فهناك مجموعتان من العوامل تؤثر على صحة الجلد ونضارته هي:
1 العوامل الداخلية، وتشمل:
التغيرات الهرمونية مثل عدم انتظام فترات الحيض، وخلال فترة الحمل وفي سن اليأس.
الأمراض: كالاحمرار والصدفية وأمراض الغدة الدرقية وغزوات الفطريات والبكتريا والفيروسية والطفيلية والجرثومية.
العوامل الوراثية مثل حساسية الجلد والبشرة الدهنية والجافة.
التدخين.
تناول الأدوية لفترات طويلة.
2 العوامل الخارجية، وتشمل:
عناصر الجو، كالحرارة والبرودة والرطوبة والجفاف وشدة الرياح.
استخدام الكيمياويات الصناعية في مواد التجميل والملمعات والمكيفات... الخ.
درجة التعرض إلى أشعة الشمس.
التعرض للكدمات والضرب والخدوش والجروح والحروق والقروح.