الاحتلال يسعى لشطب كل ما هو فلسطيني وعربي ويسعى لـ "يهودية كيانه" (أرشيف)
أثار سعي الكيان الصهيوني للاعتراف به "كدولة يهودية"، موجة من المخاوف في صفوف نحو مليون ومائتي ألف فلسطيني يعيشون داخل الأراضي المحتلة سنة 1948، الأمر الذي دفع أحزابا وقوى عربية على مختلف انتماءاتها إلى التوحد خلف لجنة المتابعة العليا لشؤون عرب الداخل، لمطالبة السلطة الفلسطينية والعالم العربي والمجتمع الدولي برفض المسعى الصهيوني، باعتباره من أكثر القضايا حساسية في تاريخ الصراع الفلسطيني – الصهيوني، على الرغم من إقرار الرئيس الأمريكي له في خطابه الافتتاحي في مؤتمر "أنابوليس" الثلاثاء (27/11).
وثيقة مناهضة للمسعى الصهيوني
وقال سكرتير عام حركة "أبناء البلد" رجا شحادة إن "إسرائيل، وفي لحظة ضعف عربية وفلسطينية ودولية، تريد انتزاع اعتراف فلسطيني وعربي بيهودية دولتها"، مشيراً إلى أن العرب ومنظمة التحرير الفلسطينية والمجتمع الدولي اعترفوا بشرعية قيام إسرائيل، ولكن لا يوجد اعتراف بيهودية الدولة، كما قال.
وأضاف شحادة في تصريحات لـ "قدس برس"، أن "إسرائيل تريد من خلال ذلك تحقيق هدفين، أولهما منع الفلسطينيين من المطالبة بحق العودة إلى داخل فلسطين المحتلة عام 48، والثاني إعطاء فرصة لها ولو نظرية، لتهجير فلسطينيي الـ 48، في أي لحظة تاريخية تسنح لها بذلك".
وأشار إلى أن إسرائيل تريد انتزاع موافقة شرعية ورسمية فلسطينية لتحقيق هذين الهدفين، ولذلك فإن المطلوب من الجانب الفلسطيني رفض هذا المطلب رفضاً قاطعاً، وليس ذلك فقط بل وعدم الموافقة على مجرد مناقشته.
وأكد شحادة أن فلسطينيي الـ 48 عملوا على صياغة وثيقة مناهضة للمسعى الصهيوني، سترسل إلى الحكومة الصهيونية والسلطة الفلسطينية وجامعة الدول العربية وهيئة الأمم المتحدة، "لنقول لهم بشكل واضح لا لبس فيه، أن فلسطينيي الـ 48 يرفضون مبدئياً وسياسياً الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، لأن 20 في المائة من سكانها هم من العرب الفلسطينيين".
ورأى أن الكيان الصهيوني "يسعى من وراء ذلك إلى فتح معركة لا تنتهي مع الفلسطينيين الذين تشبثوا بأرضهم منذ سنة 1948". وقال "نحن في فلسطين الداخل أدركنا منذ البداية الرسالة الإسرائيلية، وقمنا بصياغة وثيقة لمواجهتها".
وأضاف أن "إسرائيل قد تلجأ للانتقام من فلسطينيي الداخل على خلفية موقفهم المناهض للاعتراف بيهوديتها، وأنهم لا يستغربون، لأن إسرائيل دولة عنصرية بكل معنى الكلمة"، مشيراً إلى أنهم يأخذون بعين الاعتبار كل الاحتمالات العملية لردة الفعل (الصهيونية) على موقفهم الرافض للاعتراف بيهودية الدولة.
وقال "نحن حاليا نرفض المطالبة الإسرائيلية، ولكن عندما تحين ساعة الجد، وتريد إسرائيل تطبيق هذه المطالبة، والتي تعني شطب حق العودة، وتهجير من تبقى من فلسطينيي الداخل، عندها ستقابل بموقف جدي، لا يتنازل ولا يقبل بتطبيق ذلك".
مرحلة جديدة في معركة البقاء والصمود
من جهتها أقرت لجنة المتابعة العليا لعرب 48، إصدار موقف جماعي وحدوي، يُشِّكل وثيقة مرجعية مُشتركة، للجماهير العربية الفلسطينية وقياداتها في الداخل، برفض "يهودية الدولة" والمحاولات الصهيونية - الأمريكية الجارية لاشتراط وربط هذا "الاعتراف" أو "التعريف" بالمفاوضات الصهيونية - الفلسطينية، لِما لهذا الأمر من تداعيات وإسقاطات إستراتيجية خطيرة على القضية الفلسطينية وعلى وجود ومكانة وحقوق الجماهير العربية في البلاد.
وقال رئيس اللجنة المهندس شوقي خطيب إن هذا المطلب أصبح طلباً مكثفاً على لسان قادة الكيان الصهيوني، "بدءا من الرئيس الإسرائيلي، مرورا برئيس الحكومة، والوزراء وقادة الأحزاب الكبيرة، وأن وثيقة التصور المستقبلي التي أصدرتها اللجنة قبل عدة أشهر حملت موقفا رافضا ليهودية إسرائيل".
أما النائب العربي في البرلمان الصهيوني محمد بركة؛ فقال إن هذا المطلب ظهر في الماضي بشكل مباشر وغير مباشر وفي عدة مناسبات، ومن بينها رسالة الضمانات الأمريكية لرئيس الحكومة السابق آرائيل شارون، وهذا المطلب الجديد، الذي يظهر على شكل شرط أمام الفلسطينيين قبل أي تقدم في العملية التفاوضية، إنما يستوجب منا موقفا موحداً، لأننا نحن أول المتضررين من هذا التعريف، وبطبيعة الحال مسألة حق العودة ومستقبل الحل الدائم".
وأشار بركة، إلى أن "هذا التعريف يحمل ثلاثة معان أساسية وهي: أولا الطعن بمواطنتنا وحقنا في البقاء والحقوق. وثانيا يفتح الباب على مصراعيه لشرعنة دولية للتبادل السكاني والترانسفير. وثالثا، يغلق الباب في وجه أي حل لقضية اللاجئين".
وقال إن "على جماهيرنا أن ترى في هذه القضية، مرحلة جديدة في معركة البقاء والصمود في الوطن، لأن تعريفاً كهذا ستحاول إسرائيل من خلال كسب شرعية دولية لسياسة التمييز العنصري التي تنتهجها ضدنا منذ ستين عاما".
موقف موحد لفلسطينيي 48
وقال رئيس مجلس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة محمد نفاع إن هذه المطالبة الصادرة بالأساس عن رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، ووزير الحرب إيهود باراك، إلى جانب تشريعات عنصرية أسبوعية تجري في البرلمان الصهيوني ضد الجماهير العربية، "خطورة استثنائية".
وأكد نفاع، أن "تعريف الدولة ليس شأنا داخليا إسرائيلياً، لأن إسرائيل قامت في أعقاب تهجير الشعب الفلسطيني من وطنه عام 1948، ولذلك فإن "يهوديتها" تستند إلى هذا الجرم التاريخي، كما تعلن إسرائيل أنها قامت وفق قرار الأمم المتحدة القاضي بإقامة دولتين، وطالما لم تقم الدولة الفلسطينية فإن الحديث عن تعريف الوضع النهائي هو أمر مرفوض، أما الادعاء الإسرائيلي بأنهم يستندون إلى قرار التقسيم في اعتماد مصطلح "يهودية الدولة"، فإن هذا الادعاء يجب أن يستدعي بالتالي الأخذ بقرار التقسيم في كل جوانبه وتفصيلاته وحيثياته وعناصره".
وأشار نفاع إلى أن خطاب الرئيس الصهيوني شمعون بيريز في البرلمان التركي، والذي جاء فيه: "إننا مصممون على الوصول إلى حل يقوم على أساس دولتين لشعبين، دولة فلسطينية للشعب الفلسطيني، ودولة يهودية للشعب اليهودي، يفترض أن القضية ولدت سنة 2007 ويجب إنهائها في 2008، بما يجافي الوقائع التاريخية وحقوق الشعب الفلسطيني".
وقال النائب جمال زحالقة، من التجمع الوطني الديمقراطي، إن الكيان الصهيوني تردد هذا المطلب منذ سنوات، ولكن رفعت وتيرته بشكل خاص في الأيام الأخيرة، وأضاف "نرفض مبدئياً هذا التعريف وبطبيعة الحال نرفض إدراجه في المفاوضات".
وقال النائب طلب الصانع، من الحزب الديمقراطي العربي "إن ما تطلبه الحكومة الإسرائيلية من اعتراف بيهودية الدولة، له انعكاس سلبي علينا نحن المواطنين العرب في الداخل، ولهذا من الضروري أن يكون لعرب 48 موقفا موحدا في هذا الشأن لمواجهته".